الاثنين، ١٩ مايو ٢٠٠٨

الهديه

لم يستطع ابدا العيش بين الناس. فهو ذا طباع متقلبه. احيانا هادئا, واحيانا ثائرا. باسما في اوقات, قاطبا جبينه في اوقات اخرى, وهذه هي طبيعته. كان من الممكن ان يكون مثل باقي الناس سعيدا, وحزينا; غاضبا, وهادئا . لكن لأن تقلباته دائما غير متوقعه.... فهو ضاحكا اذا رأي او سمع ما يضحك. ولكن ضحكه لا يدوم لأكثر من ثانيتين ينقلب. بعدها الى شخص يحمل احزان الدنيا كلها. ولكن احدا لا يعلم سبب تغيراته هذه... فهو انسان كتوم يستحي ان يشرك احدا في افكاره, وبسبب طبيعته الشاذه المتقلبه انعزل عن الناس.. استقر في بيته... انقطع عنه اصدقائه ومعارفه , وكأنهم كانوا ينتظرون المبادره منه... انقطع عن العمل متقوتا بما يجنيه من عقار يملكه ويؤجره حتى حاجياته اليوميه يعتمد فيها على حارس عقاره. لا يقرأ اي جرائد يحول مؤشر الراديو كلما حان وقت نشرة الاخبار . توقفت الاخبار في ذاكرته عند اخبار زلزال عام 92 ..ولا يعرف ما حدث بعدها في العالم ولا بالصراعات.. كل ما يعلمه هو الغلاء وزيادة الاسعار. مع ارتفاع قيمة ايجارات العقار , واسعار حاجياته الاساسيه اليوميه . لم يخرج الى الحياه.. ولا يريد ان يخرج اليها.. لم ينظر الى المرآه منذ ان انقطع عن الحياة. لم ير التجاعيد, ولا الشعر الابيض الظاهر في جوانب شعره .
وذات يوم استيقظ سعيد وهذا هو اسمه على صوت دقات خفيفه على باب شقته بالدور الاخير من العقار الذي يملكه وفتح الباب , ووجدها ..ملقاة على الارض في صندوق ملفوف بشريط مذهب... توقع ان تكون اتته عن طريق الخطأ. تركها كما هي دون ان يلمسها وعندما جاء حارس العقار بحاجيات هذا السعيد البائس... وجد الهديه طرق الباب , وخرج له سعيد محاولا تجاهل نظرات الاشفاق والحزن في عيون حارس العقار , اخذ حقيبة التسوق دون ان يلحظ الهديه موضوعه بداخلها. وعندما حان وقت افراغ محتوياتها بدأ يلحظها.. ووجدها ولكن وجد ورقه صغيره ملصقه بها. كتب عليها بخط صغير ( الى البائس سعيد ), وبطبيعته غضب وثار وضحك وهدأ وبكى وضحك من كلمة البائس , وضع الهديه ولم يحاول فتحها سأل الحارس عن الهديه, ومن وضعها ولكن اتى له الرد كما توقع ( مش عارف). واكتفى بتلك الاجابه المقتضبه. وتوالت الايام , وتوالت الهدايا, وتوالت الاجابات المقتضبه. ولكن الخطاب كان يتغير في كل مره بسؤال عن سبب عدم فتح الصندوق. وسؤال اخر عن سبب قبول الهديه بالرغم من عدم فتحها. الى ان انقطعت الهدايا , وانقطعت الخطابات , وقرر اخيرا فتح الهدايا بالترتيب... وجد في الهديه الاولى ربطه عنق مع خطاب يشجعه على ترك العزله والوحده , ووجد في الثانيه زجاجة عطر مع خطاب مشابه للخطاب الاول , يشجعه على ترك العزله والخروج الى الدنيا , ووجد في الثالثه هدية قيمه.. عباره عن ساعه مذهبه انيقه مع خطاب يطلب منه ترك هذا السجن الاختياري والخروج الي الحياة . وعندما فتح الرابعه ذُهل من طبيعة الهديه واخذ يضحك... حيث وجد حبل ينتهي طرفه بأُنشوطه تشبه حبل الاعدام , مع خطاب يشجعه على ترك العزله... وترك الحياة ايضا . ازداد الفضول.. ففتح الخامسه ووجد بها زجاجه بها سائل ابيض شفاف . مع خطاب يلومه على عدم فتحه للهديه السابقه, وخطاب آخر يشجعه على شرب ما في الزجاجه من سم . فتح الهديه السادسه والاخيره , ووجد بها مسدس مذهب انيق , مع خطاب مشابه للخطابان السابقان . ويحثه كاتبهما على الانتحار حتى يستريح . جمع محتويات الهدايا الست ووضعها الى جانب بعضها البعض ربطه العنق الى جانب أُنشوطه الاعدام , وزجاجة العطر الى جانب زجاجة السم , والساعه الانيقه الى جوار المسدس الانيق ..
وفي اليوم التالي لم يسمع حارس العقار اي رد من داخل شقة سعيد - عندما احضر له حاجياته اليوميه- مما زاد في قلقه.. فابلغ الشرطه وكسر الباب .. ليجد سعيد مستلقيا على سريره , والى جواره المسدس وزجاجة السم .. مرتديا ربطة العنق...و رائحة عطر نفاذ تغلف الغرفه , ووجد الانشوطه معلقه في سقف الحجره.
وعندما جاء تقرير الوفاه تبين ان الوفاه ناتجه عن سكته قلبيه.. نتيجة نوبة ضحك شديده , اوقفت عمل اجهزة جسده .

هناك ٤ تعليقات:

شـمو نشـادر يقول...

اول تعليق يا برنس ..
القصه حلوه وفكرتها جميله ..
بس كان ممكن شوية تنظيم احسن من كده ..
و شوية فواصل بين الجمل وترتيب و تعقيب ..
و من جميل لأجمل ان شاء الله ..
تحياتى ..
أسامة أمين

2ensan wnsan يقول...

شكرا يا اسامه على لنصيحه دي وانا الحمد لله عملت بيها - على قد ما قدرت- شكرا ياباشا

emy يقول...

حلو اوى
وربنا يوفقك ديما
كتباتك حلو بس ركز شوية

شـمو نشـادر يقول...

يا باشا شكرا على ايه ..
انت تؤمر ..
وبعدين المدونين لبعضهم برده ..
شكلنا هنبقى اصحاب ..