الجمعة، ١٦ أبريل ٢٠١٠

كُرْسِي قَلَّابْ

لم يأته علم بغيبية إنفصال ظهر الكرسي الأخير الشاغر بسيارة الميكروباص التي سيستقلها للقاهرة ، و لم يعلم أيضا أنه إنفصال غير تام .. مسمار وحيد يربط جانب واحد من جانبي الظهر بطرف الكرسي ، تاركا الجانب الآخر الأيمن مجاورا الباب حرا ليصطدم بأعلى ركبة الجالس خلفه عند كل إنحناءة في مسار السيارة و تميل ليميل هو معها و تميل قطعة الحديد بطرف مدبب لتصدم ركبة من خلفه بالرغم من محاولاته ترك نفسه لنشوة إلقاء الظهر المرهق ليستريح ، مع كل إنحناءة و كل ميلة و كل طرف مدبب تستقبله ركبة الشخص طويل الساقين خلفه يعتذر بإبتسامة ، لم يفكر أن أحدهم قد ركب صباحا على مقعده الأخير الشاغر إنتقل إليه فراغ مقعده ، باحثا عما يملأ به فراغ ساعتين صباحيتين زمن الطريق للقاهرة ليتحد فراغه بفراغ المقعد و يتوحد جسده الحي بالجسد الجامد للمقعد ، يتحسس الجسد الجديد بعد الإضافة .. قوائم المقعد القابلة للثني ، الظهر المتقلب ، غلافه من الجلد الصناعي ، بروز مسماري الإتصال بين المقعد و ظهره ، الحدود السداسية لرأس المسمار و صامولة ربطه ، عدم إستقراره في فتحته ..



لا طيور في الطرق السريعة بالتحديد لا طيور غريبة في هذة الطرق بعض من عصافير رمادية متشابهة لا إختلاف و لا إثارة فيها تشبه في ذلك السيارات على هذة الطرق لا جديد فيها الألوان ذاتها ، نفس الشكل ، السائق الممل ذاته و الركاب الكسالى النائم معظمهم قتلا للوقت ، و يقتلهم الوقت دوما .. لازال يبحث عن فعل ليقتل الوقت لمرة ثانية يستكشف معالم مقعده ذات التفاصيل كما في المرة الأولى .. يوقفه المسمار الرابط بين الظهر و المقعد ، سبيل لطرد الملل لمدة ساعة باقية ، المسمار قابل للحركة ، يدور في يده ، غير تام الربط ، منقوص الثبات ، أداره في موضعه مع عقارب الساعة ، يستقر في مكانه ، يرفض الدوران ، يربط تماما ، و تعلو ابتسامة ظفر طفولية وجه الراكب الملول ، و ينظر حوله بفخر .. دقائق و يعاود الكرة عكس عقارب الساعة هذه المرة ، يبغي فكه ، ينظر حوله بإستمتاع غريب ، كل من حوله نيام ، وحده و المسمار ينفك بسلاسه ، لإختلاس المسمار متعة لم يرها قبلا ، للإختلاس عامة نشوة عظيمة ، وصل وجهته و هبط من السيارة تحسس جيب قميصه الراقد به تذكارا لرحلة صرع بها الملل ، و لا يعلم أن رجلا مرهقا سيجلس مكانه ليملأ شغور مقعده و يعتذر للراكب خلفه بإبتسامة صامته عند كل ميلة و صدمة لركبة الراكب عند كل إنحناءة في مسار السيارة حتي يمل الراكب بالخلف عند الصدمة الأشد وطأة ليصيح براكب الكرسي ذي المسمار الناقص و يدفعه بيده ليرد الراكب بسبة تحدث مشادة كلامية تتحول ليدوية و يخرج الراكب الخلفي مطواته و يغرزها في رقبة الراكب بمقعد ذي مسمار ناقص