الثلاثاء، ١٤ أبريل ٢٠٠٩

سعادتك ...

بالطبع رأيته من قبل .. رأيته في أحد أصدقائك , أحد العابرين أمامك وأنت تجلس في مقهى , او تراه في محل عملك .. المهم انك رأيته وتراه في كل مكان .. تراه في نفسك يوما ما .. في شريحة كبيرة من أمثالك ... لا يهم ان كانت شهادته جامعيه أو محو أمية او لا يحمل شهادة على الاطلاق .. أسمر اللون ولا يهم أيضا ان كانت السمرة لون بشرته الاساسي او اكتسبه من لفحة الشمس .. غير مهندم الملبس , يقفل أزرار قميصه حتى الرقبه ليخفي آثارالزر الثاني المفقود .. يحمل شنطة أكتاف بها أغراض خفيفة يحتاجها كل بيت , ويفقدها أيضا كل بيت بسرعه .. يبيعها بأثمان بخسة .. يحمل في يده مجموعة سكاكين بكل الأحجام .. أسلاك .. هواتف .. أحزمة .. ولاعات .. كل ما تحتاجه تجده معه .. دخل مقهى فقير كل روادة - من أمثالي - ممن لا يحملون غير مقابل مشروباتهم داخله , يدور بين الزبائن مرددا " سعادتك انا معايا أحزمة جلد طبيعي بسبعه جنية ... تليفون ألماني بعشرين جنية .. سعادتك انا معايا كل اللي تحتاجه "
,,,,,


يوقفه زبونان حالهم لا يفوق حاله في الهندام , لاستعراض ما معه من بضائع - بالتأكيد لن يشتروها - ينظر لهم نظرة ان _ الحال هو الحال هتشتروا ايه يا بقر - يخفي نظرة الازدراء سريعا ويقول : شوف سعادتك حزام جلد طبيعي وبسبعة جنية بس .. سعادتك انا معايا طقم سكاكين حامية جدا ...


يطربون لكلمة "سعادتك " .. إمعانا في الشعور بعظمة نادرا ما يشعرون بها ينتفخ أحدهم قائلا " وريني يا بني السكاكين اللي معاك دي بكام "


- دي بخمستاشر جنيه بس عشان وِشّك السمح دا يا بيه بعشرة بس

منتشيا بكلمة بيه - التي بالتأكيد ذاب لسانه من كثرة قولها لمن يستحقها ولمن غير ذلك - يقوم الآخر لقياس أحد الأحزمه بكل احساس بالعظمه .. حافظة نقودة التي لا تحوي سوى ثمن مشروبه عادت به لأرض الواقع .. متهربا من شراء الحزام يرفعه حتى منتصف كرشه المتدلي ليقول " الحزام دا صغير " بمكر لابد منه لدى بائع محنك يقول الشاب " معايا أكبر منه يا بيه .. تحت ضغط كلمة "بيه " يقيس الآخر بذات الطريقة ليجده كبيرا فعلا ويحوي تلك الكتله الضخمه ليقول بخبث " بس دا بني وانا عايز اسود " تعباً من الكلام الفارغ بلا فائدة يقول " معلش يا أستاذ مفيش غير دا " ينظر الرجل للشاب بوجوك بعد ان طار لقب البيه وحل مكانه كلمة استاذ قي ثواني وابتعد الشاب بوجه جامد ليعيد هتافه من جديد

" سعادتك انا معايا أحزمة جلد طبيعي بسبعة جنيه .. معايا سعادتك تليفون ألماني بعشرين جنية ... سعادتك انا معايا كل اللي تحتاجه .."

الجمعة، ٣ أبريل ٢٠٠٩

فيما يرى النائم ... ( 1 )

لفترة كبيرة من حياتي كانت مناماتي بلا احلام , او لتقل أحلاما تصطبغ بالماده السوداء الكونيه التي تمتص الضوء .. ولكن مع اكتمال التسعة عشر خريفاً بدأت تزورني الاحلام .. ولدهشتي اتذكرها كلها ... ولدهشتي اكثر أدونها ..





** اقف في فراغ لا محدود .. صحرا ء لا نهاية لها , مترامية الاطراف .. بقعة ضوء مجهولة المصدر مسلطه عليّ , في ليلة ليلاء بلا قمر ... وكأنه مشهد من مسرحية صامتة .. حينما يصبح الظلام هو الطابع المميز للعرض المسرحي .. وتظلم خشبة المسح الا من بقعتي ضوء - مازالتا مجهولي المصدر - تسلط احداهما عليّ والاخرى على بطل جديد يناصفني المشهد يأتي مهرولا من بعيد .. مسافة تقارب الكيلو متر .. احدد ملامح هيكله مع اقترابه .. يمشي على أربع .. له هيكل كلب ضخم .. يقترب أكثر .. أرى أن له ذلك الوجه العريض والأنف المدبب لثعلب بري .. أجري بسرعة , لا اعرف من اين اتيت بها .. أجري , أخلع حذائي الايمن ثم الايسر .. أجري بسرعه أكبر .. يزيد من سرعته .. يقفز على قدمي .. يلتقط مقدمة قدمي .. أجري دون إعارته اهتمامي .. يثقل جسدي فجاة .. أشعر بالأنهاك .. ألتف حول قدمي .. ارفسه بقدمي .. يتشبث بها .. لا يجرحها وكأنه قابض على قدم من العظام , اختفت عضلاتها وشحومها .. قابض على قدمي بفكيه دون ان تسيل نقطه دماء واحده .. ينظر اليّ بعينين عنبريتين جميلتين .. اشعر بلزوجه لعابه على لسانه اللين الأملس تحت مقدمة قدمي .. تلتقي عيناي بيعينيه ... واجد له ملامح بشريه مألوفه ... لصديق .

**