الأربعاء، ١١ نوفمبر ٢٠٠٩

باعة ذهب متجولون

الليلة سيكون أحدهم كالعادة , أحدهم يمر بخلفية المسرح مكملا قطع الديكور , ولكن قطعة متحركة .. سيمر بعربة يد مُحمّله بعدة كيلوات من الذهب يدفعها أمامه من يسار المسرح إلى يمينه , يتوقف دقيقة واحدة خلال الرحلة بين طرفي المسرح ليهتف بنبرة البائع الدائر ببضاعة من المفترض أنها راكدة يبحث عمن يشتري .. جملة سخيفة ينبغي أن يقولها كما يريد المخرج بصوت محشرج مجروح بدوام الصراخ , فصحى .. هو لا يقبل أن يقول جملة كهذه .. بكل تلك التقليدية والفكرة الطفولية " أبيع الذهب فمن يشتري .. بوتقة ماء تشتري الذهب .. زمن ما يلمع قد ذهب وها أنا أبيع الذهب فمن يشتري " لعنة الله على الحوار بلغته الفصحى .. لعنة الله على مؤلف متفلسف , بل اللعنة على مستقبل منتظر ..
للمرة السبعين يوجهني المخرج .. يجب أن أقول جملتي الفصحى اللعينة بإرهاق بائع سارح في أرجاء المأهول لسلعة كاسدة ندر شارييها .. أنفاس محتبسه و وجه ملول .. و إياي والنظر للذهب على انه ذهب يجب اعتباره رمل لا أهمية له .. بل ينبغي أن أملّه حد التقزز وكأني أبيع فضلات خنزير طازجة , هذا حال الذهب كما يتنبأ مؤلفها .. ولكننا الآن سلعتي في زمني هذا ليست كاسدة بل شحيحة و أيضا ندر من يشتريها .. لمعانها يروج لشرائها .. ويقف لجاما لساني ترفض أن يخرج عنها حوارا كهذا .. " أبيع الذهب فمن يشتري .. بوتقة ماء تشتري الذهب .. زمن ما يلمع قد ذهب وها أنا أبيع الذهب فمن يشتري " للمرة الحادية والسبعين يقلها ويتبعها بتوجيهاته .. توجيهات بدون " بروفات " كل ما علي أن أحفظ و أن اصرخ بهما كما قال لي تلك الليلة .. لا تحتاج تذكيري بأن الديكورات من أمثالي لا يحتاجون بروفات .. جملتان يقولهما أحدهم - أي أحدهم من جميعهم - وهم كُثُر وان لم أقلهم هناك آخرين ..
أدخل بعد بدء العرض بربع الساعة , والعرض ف تمام السابعة .. يصعد ومن معه من أفراد الكومبارس إلى المسرح بعباءات وجلابيب ما بين المرقع والمبقع .. بعد أن يقول البطل جملة غبية أخرى يتدافعون من خلفه بعرباتهم المتهالكة تحمل عدة كيلوات من الذهب .. تراوده فكرة أن الذهب ذهب حقيقي و أن نصف الكيلو مما يحمل قد يكون الحل الأمثل لكل مشكلاته .. قبل أن يصعد للمسرح مباشرة استمع بآذان لا تسمع وعقل لا يعي لصوت المخرج و هو متأكد انه يعيد ما قاله مسبقا مزيد من الكلام الفارغ , مزيد من الأزيز مزيد من البلا بلا بلا .. لا يمل أبدا من إعادة الحوار على كل ممثل صغير لا يكلم أحدا من الكبار .. الكبار لا يحتاجون الكلام ..ولا يستطيع أن يبدي قلقه وهلعه إلا مع الصغار .. المخرج لابد أن يبدو على قمة جبال القلق يجب أن يتحدث كثيرا ليبدو مخرجا ..
مع السابعة والربع صعد المسرح ويبدأ في القاء جملتيه .. مدفوعا بقوة خارجية نابعه من داخله يقف في منتصف المسرح يصرخ احد الجمهور منبها انه وضع قطعة ذهبيه في جيبه واصفا اياه باللص .. يرمي القطع الذهبيه على الجمهور ويظلم المسرح بعد هرج ومرج الجمهور على ذهب كاسد وزائف

هناك تعليق واحد:

كراكيب يقول...

انا جيت وقريت وتخيلت
وكالعادة اتمشيت في البلوج يمكن ألاقي موضوع كدة واللا كدة ماقريتهوش قبل كدة....

عجبتني اوي الجملة الراجل بتاعت
زمن ما يلمع فيه قد ذهب وها أنا أبيع الذهب فمن يشتري

عبوووووووود باشا.... تعالى بسرعه بموضوع جديد بقى
ماشي
انا مستنية اهو
ماتتأخرش عليا لو سمحت