الثلاثاء، ٢٠ أكتوبر ٢٠٠٩

ما من قدري الآن ..

زمان كان مخلّصي المنتظر في عوالمي الطفولية هو أبي .. بخيال طفل في السابعه أنتظره كلما تشتد الأزمه - التي لا أتذكر مدى سذاجتها - يأتيني - من عند ربنا - بمركبة فضائية , بعبائته وعمامته الأزهريتين , ولحيته البيضاء ببعض شعيرات رمادية كما هو بآخر صورة له لدينا .. يتجلى من العدم أمام نافذة غرفتي .. يأخذني معه الى مركبته .. ثم ظلام , لعجز مخيلتي الطفله عن خلق ما يمكن ان يحدث بعد أن اخرج من المنزل مع والدي ف مركبته الفضائيه القادمة من الجنه لانقاذي من مشكلة تافهه ..


استمر أبي القادم بمركبته الفضائيه - من عند ربنا - من الجنه " السوبر مان " الخاص بي حتى سن العاشرة , ظهرت بعدها شخصية اخرى انتجتها مخيلة طفلة أخرى " قدري عبدالقادر " سوبر مان آخر لا ينقذ وإنما ينفذ ما تعجز عنه شخصيتي .. يصرخ فيمن يضايقني ويعاقبه , يمارس ساديته على المدرّسة التي عاقبتني , و ينغص حياة من استهزأ بي .. يفعل ما أتمنى فعله .. يوجه رسالة " انتظرني في الليل يا من تجرأت على إغضاب صديقي الصغير " و في الصباح كنت أنتظر سماع الأخبار السيئه عمن ضايقني .. ولكن أقنعني صديقي " قدري " أنه لا يترك أثرا , قدري لا يختلف عن والدي كثيرا .. ضخم بجسد شاب ولحية شابة سوداء ووجه أسمر بملامح صخرية , يمتلك قوة جبارة , و خُلق من أجل انتقامي فقط لا يفعل ولا يعرف غير هذا من هدف .. وبفعل سنوات نضجت بها الى حد ما شاخ هو , ليصير كائنا عاديا ضعيفا لا يقوى حتى على غلق عينيه في مواجهة عاصفة خماسينيه .. ويصرح لي بنصيحته الأخيرة بأنه ما من قدري في هذا الزمن و يوصيني بأن أكون قدري نفسي ..

السبت، ١٠ أكتوبر ٢٠٠٩

بعض الماسوشية لا تضر ..

الملل دافع قوي و أكيد للمكاره .. قد يدفعك أحيانا للسقوط بعد رحلة سير رائحا جائيا على سور شرفتك بعد منتصف الليل بساعات , أو للقفز بكامل رغبتك من فوق هذا السور طلبا للتغير .. تلك الحياة المستمرة على وتيرة واحدة .. أحداث معاده لأحداث سابقة ذاتها الاحداث المتوقعة .. أمس هو اليوم هما أسبوع فات واسبوع قادم , حالة من اللاجديد تسيطر على أجوائك .. تثقل بخفة تفاصيلها على صدر ألف الثبات لدرجة الملل .. يأمل بتغيير ولو بسيط في أيامه القادمه .. يحن لأيام مضت كانت أقل مللا ..

القلب يحيا في المستقبل،
فالحاضر كئيب!
كل شيءٍ عابر، كل شيءٍ سيمضي،
و ما سيمضي - سيصبح أجمل.

***
مؤخرا لاحظت في نفسي ميلا غير عاديا للماسوشية .. حقا أمارسها على نطاق ضيق وبشكل بسيط , لكنها افعال بسيطة تصنف كهواية تعذيب للنفس .. كأن اواصل سبع ليال سويا بلا نوم ولو ساعة واحدة , أو اجعلها بلا نوم ولا طعام .. أهوى لمس الحديد الساخن , واعشق إحساس الألم الساخن بضغط يدي الأخرى على موضع الحرق .. أنتشي بحبس انفاسي المشرّبة بدخان سجائري .. وأطرب لصوت سعالي , واحمرار بياض عيني .. وضع إبر ساخنه في اطراف اصابعك , وصوت إحتكاك اسنانك نتيجة الألم .. والحرارة المنبعثة من أطراف اصابعك .. أشياء تشعرك بالتغيير , تشعرك بالوجود .. أنا لازلت حيا وأتألم وأشعر .. ولا تنسى ان صرخة الوليد الأولى علامة حياته .. يظهر ألمه ليبدو حيا .. غير أن للألم لذة لا توصف .. ذلك الألم المرجو المستعد له , و بيدي لا بيد غيري .. أنت من يؤلمك لا غيرك .. دعك من هذا كله لذة الخفاء لا تضاهيها لذه , تمارس ماسوشيتك منفردا والا صرت معتوها ينبغي تقويمه ومراقبته لئلا يؤذي نفسه .. تعلم انهم لا يخشون عليك الأذى ولكن لا يريدون اي ازعاج من تبعات أذيتك لنفسك .. غير ان جسدك لن يقبل بأي أذي لن يحتمله .. دائما هناك اللحظة التي تنقبض فيها رئتيك وترسل اشارتها بفتح معبر للهواء ,,,
************
* الفقرة باللون الأحمر من أشعار ألكسندر بوشكين