الاثنين، ١٠ أغسطس ٢٠٠٩

مترو ...

سياج من نظرات الإستنكار الممزوج بالإشتهاء أحاطها .. تلك العيون المحدقه تعكس تأفف اصحابها وإعجابهم الحيواني .. هي تعشق حريتها تعشقها حد الممارسه .. ملابسها , قصة شعرها , اسلوب حديثها .. ضحكتها الحره لا تتكلف في كتمها خشية احد من المعترضين على صوتها و على عورة اسنانها المبتسمه او فمها الضاحك .. تعتز بجرأتها وتتنزه بها عمن يفقتد الجرأة لمن يتقول عليها عليها في نفسه او يعلق عليها لأحد اصدقائه الذي ينظر اليها ويضحك مع زميله ويعبس في وجهها ولا يجدا الجرأة لمجاهرتها بما في نفوسهم من رغبة او رأي حتى .. هي حتى لا تعبأ بأرائهم .. هي تمتلك الحرية , تمتلكها الحرية في نفسها الحرية التي لا تضر احدا ولا تنفعه ولا تمسه حتى , حريتها المحدوده بحريات الآخرين .. جمعتني بها عربة مترو , تجلس في مقابلتي .. تبتسم لطفلة بجواري تجلس بيني وبين ابيها . تحرك انفها لتداعبها .. طفلتان في اللهو سواء غير ان إحداهما في جسد شابة ناضجه .. تصعد فتاه تجرجر أذيال اسدالها الأسود على الأرض .. تجلس على مقعد يفصل بينه وبين مقعد الفتاه أمامي باب العربه .. ترمي الطفلة بجواري بابتسامه عذبه .. لا تلقى الا التجاهل ردا لفعلها .. تحول نظرتها ناحية الفتاة أمامي تتطلع لتفاصيلها , شعرها البني المتموج المسترسل .. نظارتها الطبية الأنيقه وتناغم لونها مع البشرة البيضاء والنمش في وجنتيها , ذراعها المرمري الابيض .. ومدى اتفاقه مع اللون الاسود لزيها الرياضي .. ترمقها بعينها صعودا وهبوطا ألمح في عينيها نظرة غبطة حميده , تقابلها عند الفتاه نظرة ليس لها حدود من الاعجاب بالنفس .. تعاود النظر بين الفتاتين الطفلة والشابه وتبتسم لابتساماتهما .. ما بين الابتسامات و العبوس وتعابير الوجه المختلفه تحلو المداعبه .. يحول بينهما سيل من زحام الركاب .. يقف أمامي كهل من ذوي اللحى ينظر لي ان يجب ان تقوم لأجلس , اتصنع الغباء و أجدها فرصه جيدة لتأمل أرضية العربه , يزفر في مقدمة رأسي يستحثني القيام ليجلس محلي ولسان حاله يقول أنا أكبر منك سنا ولي كل الحق في الجلوس مكانك .. أراوده عن المقعد و اهم بالقيام لأجد نظرة انتصار مستفزة لابقى محلي .. يشيح بوجهه عني ليعطيني ظهره ويصبح في مواجهة الطفلة الشابة .. يرفع صوته موحدا الله لتسري بالعربة - بما فيها انا والفتاه - همهمات الصلاة على النبي يبتعد عن مكانه بمواجهة الفتاه ليقف بعيدا عن مجالها .. ألحظه في مكانه ينظر لها نظرة استحسان كنظرات المتجول في اسواق الجواري لحسان النساء على طاولة العرض .. تتحول الى نظرة غاضبة ذات النظرات الساخطة لجماهير متحلقين حول احدى ساحرات العصور الوسطى قبل حرقهن .. يتكرر الاستحسان ويتكرر السخط مع كل التفاته من الفتاه ويبدو ان اللعبه اعجبتها .. كما انها اعجبتني ايضا تلك التعابير الكرتونيه المرتسمه على وجهه والمتبدله بين لحظة واخرى بالتأكيد تعجب اي طفل ضخم مثلي .. تنتبه ألسيدة الجالسه الى جوار والد الطفله لمداعبات الشابه لابنتها .. تأخذ ابنتها لتدفن وجهها الصغير في كتفها وترمي الفتاة الكبري بنظرة حقود تدمع لها عينا الفتاة العنبريتان .. وتتجه يدها بحركه لا إراديه تجاه رقبتها كمن يحاول سحب الهواء وتقف لتنزل ف اول محطة تقابلها